کد مطلب:239436 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:135

ابومسلم ینفذ الوصیة
و قد حرص أبومسلم علی تنفیذ وصیة ابراهیم الامام كل الحرص ..

حتی لقد قتل - كما یقول الذهبی و الیافعی - : « خلقا لا یحصون محاربة و صبرا ، و كان حجاج زمانه» [1] .

و یقول المؤرخون : ان من قتلهم أبومسلم صبرا قد بلغ « ست مئة الف نفس » من المسلمین، من المعروفین، سوی من لم یعرف، و من قتل فی الحروب، و تحت سنابك الخیل [2] .

و قد اعترف المنصور نفسه بذلك، عندما عاتب أبامسلم، ثم قتله، فكان من جملة ما عاتبه به قوله : « فأخبرنی عن ست مئة الف من المسلمین، قتلتهم صبرا ؟! » .. و لم ینكر أبومسلم ذلك، و انما أجابه بقوله :



[ صفحه 124]



« لتستقیم دولتكم » [3] .

و اعترف جعفر البرمكی بذلك أیضا [4] .

و أبومسلم نفسه نراه قد اعترف بمئة الف منها ایضا فی مناسبة أخری » [5] .

و أما من قتلهم فی حروبه مع بنی أمیة و قوادهم، فقد أحصوا فوجدوا : ألف الف و ستمائة ألف [6] .

و كل ذلك غیر بعید .. اذا ما عرفنا أن ثورة أبی السرایا قد كفلت جیش المأمون فقط (200( الف جندی، كما سیأتی .. و كذلك اذا ما لاحظنا ما یذكره المؤرخون عن عدد القتلی فی الوقائع المختلفة، التی خاضها أبومسلم ..

و بعد هذا .. فاننا نری أبامسلم نفسه یقول فی رسالة منه للمنصور : « فوترت أهل الدنیا فی طاعتكم، و توطئة سلطانكم .. » [7] .

و فی رسالة أخری منه له أیضا یقول : « .. ان أخاك أمرنی أن أجرد السیف، و آخذ بالظنة، و أقتل علی التهمة، و لا أقبل المعذرة، فهتكت بأمره حرمات حتم الله صونها، و سفكت دماء فرض الله حقنها، و زویت الأمر عن أهله، و وضعته فی غیر محله .. » [8] .

یقصد ب« أهله » : أهل البیت (ع)، و قد أوضح ذلك فی رسالته



[ صفحه 125]



الاخری للمنصور التی یقول فیها : أن أخاه قد استخف بالقرآن و حرفه . و أنه أوطأه فی غیره من أهل بیتهم العشوة، بالافك و العدوان، و أنه ظهر له بصورة مهدی ..

أی أن أخا المنصور قد حرف الآیات الواردة فی أهل البیت (ع) لتنطبق علی العباسیین، و أنه بذلك تمكن من اغراء أبی مسلم بالعلویین ؛ ففعل بهم ما فعل بالافك و العدوان .. و یصرح بذلك فی رسالة أخری للمنصور ؛ فیقول : « و أوطات غیركم من كان فوقكم من آل رسول الله بالذل و الهوان، و الاثم و العدوان .. » یشیر بذلك الی العلویین [9] .

و علی كل فاننا سوف لا نستغرب اذا رأینا أنه قد بلغ من ظلم أبی مسلم أنه عندما حج : « هربت الأعراب عن المناهل، التی یمر بها ذهابا و ایابا ؛ فلم یبق منهم أحد ؛ لما كانوا یسمعونه من سفكه للدماء » [10] .

و قال المقریزی : « و قتل (یعنی أبومسلم ) زیاد بن صالح ؛ من أجل أنه بلغه عنه أنه یقول : انما بایعنا علی اقامة العدل، و احیاء السنن، و هذا جائر ظالم، یسیر بسیرة الجبابرة، و انه مخالف .

و كان لزیاد بلاء فی اقامة الدولة ؛ فلم یرع له ؛ فغضب عیسی ابن ماهان، مولی خزاعة لقتل زیاد، و دعا لحرب أبی مسلم سرا ؛ فاحتال علیه بأن دس الی بعض ثقاته الخ .. » ثم ذكر كیفیة احتیال أبی مسلم علیه و قتله ایاه [11] .



[ صفحه 126]



و قد قال أبومسلم لیونس بن عاصم عندما قال له : هذا جزائی ؟! « و من جازیناه بجزائه ؛ وضعت سیفی فلم یبق بر و لا فاجر الا قتلته » [12] .

و قال أبومسلم أیضا : « انی أطفیت من بنی أمیة جمرة، و ألهبت من بنی العباس نیرانا، فان أفرح بالاطفاء، فواحزنا من الالهاب » [13] .

و قال أبومسلم أیضا : « انی نسجت ثوبا من الظلم لا یبلی ما دامت الدولة لبنی العباس، فكم من صارخ الخ . » [14] .


[1] العبر للذهبي ج 186 / 1، و مرآة الجنان ج 285 / 1.

[2] البداية و النهاية ج 72 / 10، و وفيات الأعيان ج 281 / 1، طبع سنة 1310 ه . و مختصر تاريخ الدول ص 121، و الكامل لابن الأثير ج 4 ص 354، و شرح شافية أبي فراس ص 211، و غاية المرام في محاسن بغداد دارالسلام للعمري الموصلي ص 116 و تاريخ ابن الوردي ج 261 / 1، و مآثر الانافة في معالم الخلافة ج 178 / 1، و النزاع و التخاصم للمقريزي ص 46.

[3] طبيعة الدعوة العباسية ص 245، نقلا عن العيني في : دولة بني العباس و الطولونيين و الاخشيديين ص 30، فما بعدها.

[4] تاريخ التمدن الاسلامي ج 435 / 2، نقلا عن : زينة المجالس (فارسي).

[5] تاريخ اليعقوبي ج 102 / 3، و تاريخ ابن خلدون ج 103 / 3.

[6] شرح قصيدة ابن عبدون لابن بدرون ص 214، و ليراجع صبح الأعشي ج 445 / 1 أيضا.

[7] البداية و النهاية ج 69 / 10.

[8] تاريخ بغداد ج 208 / 10، و البداية و النهاية ج 14 / 10، و لا بأس بمراجعة ص 69، و النزاع و التخاصم ص 53، و الامام الصادق و المذاهب الأربعة جلد 1 ج 533 / 2.

[9] طبيعة الدعوة العباسية ص 33 ، الفتوح لابن أعثم الكوفي، ج 8 ص 223، .. و لا بأس بمراجعة الرسائل المختلفة المعبرة عن ذلك فيما تقدم من المراجع، و في النزاع و التخاصم ص 53 ،52، و الامام الصادق و المذاهب الأربعة جلد 1 ج 534 ،533 / 2، و البداية و النهاية ج 69 / 10، و الامامة و السياسة ج 133 ،132 / 2، و غير ذلك.

[10] النزاع و التخاصم ص 46.

[11] نفس المصدر و الصحفة.

[12] النزاع و التخاصم ص 47.

[13] المحاسن و المساوي للبيهقي ص 298، طبع صادر و شرح ميمية أبي فراس ص 214.

[14] المحاسن و المساوي طبع مصر ج 482 / 1، و الكني و الألقاب ج 158 / 157 / 1 نقلا عن ربيع الأبرار للزمخشري.